لفت نظري وأدهشني ما عرضته قناة BBCالبريطانية , وباللغة العربية , بتاريخ الرابع من أيلول الجاري , خبراً مفاده أن اليهود في إسرائيل خرجوا في مظاهرات حاشدة في عدة مدن , كالقدس وحيفا وتل أبيب والتي كانت من أكثر المدن تظاهرة , حيث خرج 400 ألف متظاهر مطالبين بتحسين الأوضاع الاقتصادية , والمعيشية , وذلك بتخفيض أسعار المنازل والضرائب والمواد الاستهلاكية وتحسين التعليم المجاني والطبابة ؟!
معللين خروجهم في هذه التظاهرات الحاشدة , ما يشهده الاقتصاد الإسرائيلي من نمو سريع , يرافقها خلل في توزيع الثروات بين الشعب اليهودي في إسرائيل ؟!
مفارقة , ووضع يدعو للتعجب !!
اليهود في إسرائيل يخرجون في مظاهرات ضد حكوماتهم !!
فإسرائيل منذ نشوئها سعت إلى كسب وحشد يهود العالم في (أرض الميعاد) , وهي فلسطين , هذه البقعة المنكوبة من العالم ببني صهيون , لذا وجب عليها , بل وهي سعت لذلك , أن توفر مستوى معيشياً جيداً ومتقارباً لجميع بني إسرائيل , ممن يقصدونها وذلك كي تصبح محط أنظار العالم , والشبيبة اليهودية , وتثير اهتمام وتأييد الدول المتقدمة ؟؟
إن تتبع أصل اليهود الذين في إسرائيل , يظهر إنهم يرجعون إلى عشرين دولة أو أكثر, وتبلغ نسبة الأوربيين بينهم 60بالمئة , بينما يشكل اليهود الأسيويين والأفريقيين نسبة 40 بالمائة المتبقية , وفيها أصبح المواطن اليهودي , منذ ذلك الوقت , عماد الدولة في إسرائيل , لذا فقد راعت دولة إسرائيل , وسهرت على راحة , وتوفير كافة الخدمات والمستلزمات لجميع مواطنيها من اليهود , وصهرهم في بوتقة واحدة ألا وهي دولة "إسرائيل" ؟؟
وحسب مصادر مطلعة , فدخل الفرد في إسرائيل يعادل 18 مره دخل الفرد في مصر و 10 مرات دخل الفرد في سوريا و 9 مرات دخل الفرد في الأردن و و …
وفي المقابل يبلغ نصيب المواطن الإسرائيلي في اقتصاده القومي
10920 دولارا، في حين لا يتجاوز نصيب المواطن المصري في اقتصاده القومي 600 دولار...
10920 دولارا، في حين لا يتجاوز نصيب المواطن المصري في اقتصاده القومي 600 دولار...
أذاً , لو وضعنا مقارنة بين المواطن الإسرائيلي والمواطن العربي المسلم الذي يعيش في الدول العربية والمسلمة (أستثني دول الخليج) , فلا نجد وجه للمقارنة من الناحية الخدمية والاجتماعية , ناهيك عن حريته وكرامته ؟!
فالمواطن اليهودي مصان كرامته وحريته وفق القانون الإسرائيلي ,
فدولة إسرائيل مستعدة لتبديل رفات يهودي واحد , بألف عربي مسلم حي يرزق ؟؟!! ألف عربي مسلم .. أو يزيد ؟؟!!
وناهيك عن الأسير أيضا ؟ فجلعاد شاليط , الذي اختطفته كتائب عز الدين القسام , مع ألوية الناصر وجيش الإسلام , قد خصصت دولة إسرائيل مكافأة مالية قدره 10 مليون دولار لمعرفة مكان الجندي الأسير شاليط ؟؟!!
كل هذا , وذاك , والمواطن الإسرائيلي يخرج بتظاهرة حاشدة مندداً بالحكومة ألإسرائيلية , ومطالباً بمزيد من الإصلاحات وبتحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي ؟؟!!
ولنرجع إلى المقارنة بينه وبين المواطن العربي المسلم , المتكل على الله الواحد الأحد , في هذه الفقرة فقط ؟! فقرة , كرامته وحريته وآدميته , فهو ينتظر من حكومته الفاسدة , أن تُحسَن من وضعه الاقتصادي والاجتماعي , من تلقاء نفسها !! وضميرها ملوث بالفساد ؟!
أو أن ينصره الله ويؤيده على حكومته , جزاءا على صبره , وتحمله ما لا يطيق الجبال عليه , بملائكة منزليين كما نصر محمد صلى الله عليه وآله وسلم , في معركة بدر ؟؟!!
ناسياً , بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ؟؟
فالإنسان , هو نفس ألإنسان , أينما كان ومن كان , يهودياً أو مسلماً , يحب التسلط , والنرجسية , وأن يمارس السادية فوق الجميع ؟
فاليهودية أو ألإسلام , هو اعتقاد , وفكر, يتجسد بسلوك , ومنهج للحياة , وهو ما يسمى ( بالدين ) , يرجو صاحبه , ومعتنقه , الثواب من رب العالمين ؟
ألا أن ألإنسان اليهودي , لا تسمح له نفسه , وكرامته , سواء كان رئيساً , أن يمارس الدكتاتورية , والسادية , وان يجعل من شعبه , وأمته , مختبراً لنزواته وشهواته , ومكان لمقابره جماعية ,
أو مرؤوس يصفق ويمجد رئيسه , ويصنع من نفسه عبداً , ومن رئيسه دكتاتوراً وجلاداً ؟!
فنحنُ , من نصنع لأنفسنا الحياة , ونحنُ , من نصنع لأنفسنا الطغاة ؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق