الترحيب

نرحب بالزوار الكرام , ونتمنى دوام التواصل ...



الخميس، 5 مايو 2011

تعلمتُ من الصغير مالم يعلمني الكبير !!


كنتُ في أحد طلعاتي الروتينية , وكان برفقتي هذه المرة أحد المقربين جداً على قلبي , وهو أبني الصغير البالغ من العمر ثلاث سنوات , ونحنُ نتجول في مدينتا الجميلة , وفي طريق عودتنا للبيت أشار على أحد المحلات القريبة منا , وقال أبي أريد جبساً وكعادتي وعلى الفور نفذت مطلبه البسيط , وأشتريت له ماأراد وما أشار عليه , وفي طريقي للبيت وأنا أسوق سيارتي وكلي انتباه على السير وعلى السيارات القادمة أحسستُ بتوقف أبني عن الحركة وتمتمته في أكله , فنظرت أليه نظرة سريعة وأنا مبتسم بوجههِ وإذا بي أراه تسمر بوجهي صامتاً !!
تابعت النظر إلى طريقي وأنا منتبه وكعادتي على السير , أثارَ سكوته وصمتهُ فضولي , فنظرت إليه ثانية مبتسماً وسألته ها بُنيَّ أتريد شيئاً فأومئ برأسه نحو الكيس بيده , فسألته أنفذَ جبسُك فأومئ برأسه بالإيجاب  فسألته أتريد المزيد ؟  فأومئ بالنفي  فتعجبت وسألته ماذا تريد حبيبي , فأومئ  برأسه وحاجبيه نحو الكيس ,
عرفت ألان ماذا يريد .. !!

فقد تعلم أبني هذه الثقافة من أمه التي علمتهُ أن لايرمي الأوساخ والنفايات من نافذة السيارة أبداً , ألا عندما يصل إلى البيت ثم ترميه في سلة المهملات أمامه , لأنه مظهرغير حضاري وغير مسئول ,
فقد تعلم َهذا الطفل هذه الثقافة من أمه .
واستوقفني هذا المشهد وتركَ في نفسي أثراً , وتعلمتُ من أبني الصغير مالم يعلمني غيرهُ !!

ولا أريد أن أطيل الحديث في هذه المسألة كي لاأُتهم بالمبالغة والرياء الاجتماعي ..

مااحببت أن أصبو إليه في هذه المقدمة والتي أتمنى أن تكون خفيفة الظل عليكم , هو فقدان هذه الثقافة في مجتمعاتنا المعاصرة ألا ماندَّر؟؟!!

 فالمحافظةُ على نظافة الشارع ثقافة والمحافظة على نظافة المدينة والبيئة ثقافة , فبهذه الثقافة نحافظ على ألأوطان وتسمو بها ألأنفُس وتصحو منها ألأبدان .
والسؤال هنا لماذا لانهتم بهذه المسألة الجميلة الدالة على الذوق والانتماء والإحساس بالمسؤولية والرقي
ولماذا هناك تقصير واضح وأكاد اجزم مُتعمد من الجميع في معالجة هذه الظاهرة , ظاهرة رمي الأوساخ والنفايات والأكياس والقناني الفارغة من نوافذ السيارات .!!
ابتداءً من الأسرة والمدرسة والمجتمع وحتى الجهات المسئولة  ووسائل الإعلام المختلفة بكافة أنواعه , ومن ضمنها  الإعلام الحزبي . ولما لا ؟؟
ونحن دولة مليئة ب300 حزب وكيان سياسي ألا ينبغي على هذه الأحزاب والكيانات السياسية التي لاتبني ألإنسان ولا ألأوطان , أن تساهم بنشر هذه الثقافة وهذا الوعي , ولو مرة في حياتها السياسي المليء بالصراعات السياسية والشخصية , لتضيف انجازاً واحداً إلى سجلها , لخدمة وراحة هذا الشعب الذي حُرمَ من أبسط مقومات الحياة ؟؟!!

وأكثر مايلفت النظر ويدمي القلب ونحنُ على أبواب فصل الربيع , عندما تذهب في سفرة عائلية لأحد المصايف الجميلة في شمالنا الحبيب , وخاصة في أيام الربيع والعائلة العراقية بحاجة لهذا التغيير والاستجمام  للتخفيف من الضغوطات النفسية والسياسية المتراكمة عليه , والتي اخشى ماأخشى أن تسبب هذه الضغوطات للمجتمع أمراضاً نفسيةً وعضويةً مستعصية ؟؟!!

وهناك تتفا جئ بكومة من الأوساخ والقاذورات والقناني الفارغة الملقاة هنا وهناك في انتظارك حتى تكاد لاتجد مكان تجلس فيه مع عائلتك !!
كأن جيشاً غازياً مرَ من هذا المكان !! وخلفَ كل هذا الخراب والدمار والأوساخ!!
وكأن السائحين الذين سبقونا لهذا المكان الجميل ذاهبون إلى غير رجعة .؟؟
وبدل أن يحمدوا الله  ويشكروه على هذه النعمة والطبيعة الخلابة , فأقل شي هو بالمحافظة على نظافة المكان وجماليته , ألا أنهم وبدلَ ذالك شوهوها  بكومة أوساخ وأكياس وقاذورات مقززة للناظرين والسائحين الجدد !!

بل وأصبحت ظاهرة مألوفة وطبيعية وحالة ميؤس منها , رغم عدم بذل أي جهد يذكر من الناحية الرسمية وغير الرسمية وحتى ألإعلامية منها ..

ختاماً نحن بحاجة إلى نظافة مدينتا وبلدنا ووطننا , لأنها تساهم في رفع معنويات شعبنا وأمتنا , وهذه تتطلب منا جميعاً جهود حقيقية مشتركة بزرع هذه الثقافة المتحضرة في نفوسنا ونفوس أبناءنا ومجتمعنا ككل , فالمجتمعات تقاس مدى تمدنها ورقيها وتَحَضُرها بمدى اهتمامها بهذا الجانب الاجتماعي المهم ...   



    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق